د . حلمي محمد القاعود
في أسرع محاكمة عرفها القضاء المصري ، عاقبت محكمة جنح المعادى، يوم 31/7/2010م ، على عويس «١٨ سنة»، مراكبي المعادى، وصاحب الفلوكة المتهم بالتسبب - عن طريق الخطأ - في غرق ٩ فتيات نصرانيات ، وإصابة ٣ آخريات، بالحبس لمدة ١٠ سنوات مع الشغل والنفاذ، وعاقبت شقيقه بالحبس ٦ أشهر وكفالة ألف جنيه لاتهامه بعدم تجديد الرخصة في ميعادها المحدد، وتركيب محرك دون استئذان الجهات المختصة، كما قضت بوقف المركب المنكوب إدارياً في أقرب مرسى ..
بعد صدور الحكم ؛ وقف والد الضحية «روزفين» - إحدى المفقودات في النيل- لرؤية المتهم لحظة صدور الحكم، وراح ينظر إلى المتهم من بعيد ، وأغرقت دموعه وجهه مرددا «دم ابنتي في رقبتك»، مع أن القاضي عاقبه بأقصى عقوبة، وقالت المحكمة في حيثياتها إنها اطمأنت لما ورد إليها من أوراق ومستندات تدين المتهمين ، ووضح ذلك من تقرير الملاحة النهرية، حيث إن حمولة المركب لا تتجاوز ٦ أشخاص بالمراكبى، وإنه لا يصلح للاستعمال، ورخصته منتهية من العام الماضي، وإن المراكبى كان يقف في المكان الخطأ، وغير مرخص له بالوقوف في الحدائق، بالإضافة إلى عدم وجود أطواق للنجاة، وهو ما يعد مخالفاً لقوانين الملاحة. وطالبت النيابة بتوقيع أقصى عقوبة على المتهم الأول.
وأضافت الحيثيات أن المحكمة لم تجد في ضميرها مسوغا يحول بينها وبين إنزال أقصى عقوبة بالمتهم، لتكون تلك العقوبة رادعة لمن تسول له نفسه الاستهانة بأرواح البشر طمعاً في كسب سريع أو لإهمال وتقصير( صحف القاهرة 1/8/2010م ) .
المراكبي المعدم الفقير الذي يكاد يحصل على لقمة العيش بشق النفس ؛ تمت معاقبته بأقصى عقوبة يستحقها وفقا لما استقر عليه ضمير المحكمة .. أما صاحب العبارة السلام 98 ، فإنه يركض في متنزهات لندن وفنادقها ويعيش في أبهة قصورها ومغانيها سعيدا مع أسرته ، ومع أصدقائه الأنتيم من علية القوم في قاهرة المعز الذين يزورون لندن في الشتاء أو في الصيف ، وبالطبع لا يفكر في أكثر من ألف ومائة غريق سقطوا مع عبارته المتهالكة في أعماق البحر الأحمر ليتغذى بهم سمك القرش الجائع ذات ليلة في شتاء 2006م ، ولم يجد محكمة أو قضاء يحكم علية بأقصى عقوبة لأن الشهداء من المسلمين البائسين الذين لا ثمن لهم ولا قيمة ، وليسوا من دولة الكنيسة التي وجدت من يشعل الدنيا حربا على السلطة وأهلها ، ويتهمهم علنا بالتقصير ، ويدينهم على المستويات كافة ، ويطالبهم بعشرات الملايين تعويضا عن الفتيات النصرانيات التسع الغارقات . أما مئات الغرقي من الشهداء المسلمين ، فقد كان الضرب والإهانة من نصيب أهليهم وذويهم وأصحاب الضمير الذين حاولوا استنكار الإهمال والتواطؤ والتدليس الذي مارسته السلطة البوليسية الفاشية . بالطبع كانت العبارة السلام 98 لا تليق بآدميين ، وكانت تفتقر إلى الصيانة وعناصر الأمان والطوارئ التي تجعلها صالحة للإبحار ، وكان أصحابها يبحثون عن المزيد من الملايين ، ولو ضاع المئات من المسلمين البائسين ، فالسلطة تدافع عن العبارة ومالكيها وتحميهم وتقدم لهم الدعم المباشر وغير المباشر ، وكله بالقانون .
في الوقت ذاته كان هناك شهيد مسلم قتله مجموعة من الطائفيين المتعصبين وألقوا بجثته في إحدى الترع بمنطقة شبرا الخيمة ، وخطفوا زوجته التي كانت نصرانية وأسلمت وتزوجته قبل خمس سنوات ، وعادوا بها إلى أسيوط . ولم نسمع شيئا عن محاكمة عاجلة أو آجلة لقتلة هذا الشهيد المسلم الذين أشاد بهم الخونة الطائفيون المتمردون، وعدوهم أبطالا ، بل إن السلطة تتكتم الأمر ، وتحاول أن تكفي على الخبر ماجورا لأن الضحية مسلم لا ثمن له ولا قيمة !
وقبل أسبوعين تقريبا قام مجموعة من البلطجية الطائفيين المتعصبين باقتحام بيت شخص مسلم متزوج من فتاة نصرانية بمنطقة الطالبية في الهرم ، واختطفوها بالقوة ، وطاردوا زوجها المسلم الذي هرب إلى أهله في الصعيد حتى لا يفتكوا به ، ومازال الأمر يراوح مكانه ، وكل ما سمعناه أن هناك استدعاء للفتاة ، ولزوجها من أجل التحقيق ،وحتى ذلك الحين فالأمر لله وحده لأن المجني عليهما من المسلمين التعساء الذين لا ثمن لهم ولا قيمة !
وفي مغاغة بالمنيا أصر الأنبا أغاثيون على بناء كنيسة أخرى في مقابل كنيسة جديدة صرح ببنائها محافظ المنيا اللواء الدكتور المحافظ أحمد ضياء الدين ، وتحدى الأنبا الكاهن سيادة اللواء المحافظ الذي بدا مذعورا من تهديدات الأنبا الذي نقض اتفاقه المكتوب ، وحشد المئات للتظاهر في الكنائس ، وهدد بالزحف إلى القاهرة ، لإرغام المحافظ على تنفيذ طلباته المخالفة للقانون . واستعان بالقنوات والصحف الطائفية وغير الطائفية التي فتحت له مساحات زمنية وورقية غير محدودة ليقول للمحافظ : أنا أو أنت في المحافظة ! ومن المفارقات أن هذا المحافظ عندما كان مستشارا قانونيا لوزارة الداخلية وكان يُطلب في مجلس الشعب ليتحدث عن قضايا المسلمين ومشكلاتهم مع السلطة البوليسية الفاشية ، كان يتحدث عنهم باستخفاف بل باحتقار لأنهم لا ثمن لهم ولا قيمة !
ومن المفارقات المثيرة أن تنشر جريدة الجريدة الكويتية أن السيد وزير الداخلية كتب إلى السيد رئيس الوزراء يستنجد بعه ليقنع الأنبا شنودة بعدم القيام أو تسيير مظاهرات في الكنائس أو القاهرة لأسباب واهية . وحسبما ذكرت الصحيفة الكويتية، جاء في المذكرة التي حملت رقم 1114 بتاريخ 28 يوليو/تموز الماضي ، أنه في الآونة الأخيرة تعمد عدد من القيادات القبطية بالكنيسة استفزاز المواطنين المسيحيين ودفعهم إلى التظاهر والاعتصام والخروج إلى الشارع وتعريض حياة وممتلكات الآخرين للخطر، وهذه الأفعال بدت مؤخراً كأنها استعراض قوة للأقباط، مما قد يؤدي إلى حدوث اشتباكات بين المسلمين وبينهم. ويحار المرء في الفهم .. كيف يلجأ وزير الداخلية إلى الوساطة الرسمية لوقف التحدي الطائفي الفاجر ، دون أن يستخدم قواته العرمرم التي تمثل أكبر قوات أمن في العالم تملكها دولة واحدة ، ويقذف بها لدى أدنى سبب لاقتحام المساجد وبيوت الآمنين في الفجر ، ويقبض على الشرفاء من الإسلاميين ، ويقدمهم إلى المحاكمات العسكرية الاستثنائية ، ليحاكموا بقوانين الطوارئ اللعينة ، ويصادر أموالهم وممتلكاتهم وشركاتهم ومكتباتهم ، دون اقتراف ذنب أو جريمة اللهم إلا ما يسميه الانتماء إلى تشكيلات محظورة ! ثم تظاهره صحافة مأجورة لا ترعى إلا ولا ذمة ، ولا تستحي من الله أو القانون .. كيف يتردد وزير الداخلية أمام زعماء التمرد الطائفي الخونة ؛ الذين يقولون علنا وبالفم الملآن إن المسلمين في مصر العربية المسلمة غزاة ، وإنهم بدو أجلاف جاءوا من الجزيرة العربية ، ووزير الداخلية واحد من هؤلاء المسلمين بلا ريب ، ويقولون إن اللغة العربية ليست لغة المصريين ، وإنهم يعترون منها ، وإنهم يجب أن يحرروا مصر من الاستعمار الإسلامي ، ثم إنهم يواصلون ابتزازهم للسلطة البوليسية الفاشية في الحصول على مكاسب مادية ومعنوية ، ويستخدمون أجنحة الخيانة الطائفية في الداخل والخارج لزرع مصر بالكنائس العملاقة التي تشبه القلاع ، وتزيينها بالصلبان الضخمة المضاءة ليلا ونهارا ، وفرض الكوتة في المجالس النيابية والمحلية ، (كان النموذج واضحا في انتخابات مجلس الشورى المزورة التي جرت قبل فترة قصيرة ، وشهد العالم على تزويرها الغشيم من أجل الحزب المتحكم ، والنصارى !) ، والسؤال هو هل أعلنت دولة الكنيسة استقلالها التام عن حكومة مصر العربية المصرية التي يقودها الحزب الوطني؟
في السياق الابتزازي الخسيس الذي تمارسه قيادات التمرد الطائفي الخائن ، يأتي تسليم النصرانيات اللاتي أسلمن إلى دولة الكنيسة المستقلة في مصر العربية المسلمة عملا مهينا للسلطة الفاشية ومذلا لها . وسبق أن تم تسليم السيدة وفاء قسطنطين ، التي قيل إنها أدخلت إلى بيت الخدمة لتتوب عن الإسلام ، ولم يعرف الناس أو حتى زوجها أين هي حتى الآن بعد أسرها أو تسليمها لسجن الكنيسة منذ سنوات ؟ وقال الدكتور زغلول النجار إنها قتلت .. ومع ذلك لم ترد جهة في دولة الكنيسة المستقلة أو دولة الحزب الوطني ، وتحدثنا عن مصيرها المجهول ؟
لقد أعلن كاهن المنيا أن السيدة كاميليا شحاتة زاخر التي اختفت ، وكانت طفشانة من زوجها الكاهن تداوس سمعان الذي أساء معاملتها وقصر في حقوقها ، أنها عادت إلى أحضان الكنيسة ، وشبه عودتها بعودة الخروف الضال إلى الحظيرة .. وكانت أجهزة الأمن قد توصلت إلى مكان اختفاء كاميليا ، وقبضت عليها وسلمتها للكنيسة ، ولم تسلمها لزوجها الذي أشعل فتنة طائفية في أرجاء البلاد لأن زوجته طفشت منه .. وصار إشعال الفتنة من جانب التمرد الطائفي الفاجر أمرا عاديا ، لدرجة أن طباخا في كنيسة ، كاد يشعل الدنيا، ومع ذلك مازال الأمر في يد القضاء المصري دون أن يقدم إلى محاكمة عاجلة أو آجلة، لأنه ينتمي إلى دولة الكنيسة ، وليس من المسلمين الذين بلا ثمن ولا قيمة !
لقد توصلت أجهزة الأمن في سوهاج إلى شخصية الطباخ ، الذي أثار الذعر بين زوار دير الأنبا شنودة في الجبل الغربي الأسبوع الماضي وأبلغ عن وجود متفجرات داخل الدير، وتسبب في استنفار أمنى ، وتشديد إجراءات احترازية داخل الدير وخارجه ، وتبين أن طباخ الدير، حنا سدرة «٣٦ سنة»، هو الذي أبلغ غرفة العمليات الرئيسية في وزارة الداخلية وشرطة النجدة ، وأفسد الاحتفالات بمولد الأنبا ، وقد ألقى القبض عليه وأحيل إلى النيابة التي أمرت بحبسه ٤ أيام على ذمة التحقيقات.
ومع ذلك الإجرام الطائفي الخائن كله ؛ نجد أبواقا شيوعية وماسونية وإلحادية ، فضلا عن الأبواق الطائفية ، تدعو المتمردين الطائفيين إلى التظاهر ولي ذراع السلطة الفاشية لتحقيق المطالب الطائفية الابتزازية، مع ترديد الاسطوانة المشروخة عن انغلاق النصارى بسبب مقررات اللغة العربية وبسبب طريقة تدريس التاريخ وبسبب معاملة بعض المدرسين .
متى يتم تبادل السفراء مع دولة الكنيسة المستقلة في مصر العربية المسلمة ؟
هامش :
" عسكري لزوجة كل كاهن" عنوان مقال لم يعجب مذيعا في قناة طائفية . المذيع انفعل وغضب من أجل الكاهن الذي كاد يشعل مصر كلها ، ولم يغضب من أجل الإسلام ولا مصر ولا الأخلاق . عجبي !
المصريون
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق