السبت، 28 أغسطس 2010

كاميليا وأصحاب الأخدود




"إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق"، هذا عذاب الحريق ينتظر كل من يفتن مؤمن أو مؤمنة عن دينه، ويجعل من نفسه حائلاً بين المرء وإيمانه وعقيدته.

هي قصة قديمة جديدة، تتكرر كلما تسلط الغلاة المتطرفون من أصحاب الاعتقادات الأخرى على المؤمنين ولا يرضون أن يغادر معتقداتهم أحد؛ فيبدؤون في قهر وجبر من فارق باطلهم والتزم دين الحق.

واحدة من تلك الحلقات تحصل الآن على أرض مصر هذه المرة؛ حيث تخضع كاميليا شحاتة زوجة قس دير مواس بالمنيا التي تركته وأعلنت إسلامها وبادرت إلى إثبات ذلك من خلال مشيخة الأزهر فاختطفتها أيدٍ آثمة ووضعتها تحت تصرف الكنيسة حيث أودعت في دار تابعة لها، وسيمت من بعد العذاب وفق ما تسرب من مصادر كنسية قالت إنها "يجرى لها غسيل مخ لغسل دماغها المغسول" أي بالإسلام!


اعترفت الكنيسة بـ"تحفظها عليها" و"قرر الأنبا شنودة عدم ظهورها في الإعلام" منتهكاً بذلك خصوصيتها وحريتها ورغبتها الحرة في اختيار دينها، ولم تنبس إثر ذلك أي منظمة حقوقية ممولة من الخارج في مصر ببنت شفة لتتحدث عن الجريمة الحقوقية المرتكبة ضدها.

والذين ارتكبوا تلك الجريمة هم قلة، لكن المشاركين كثر، وكل صامت يستطيع أن يكون لكلامه أثر وتأثير مشارك فيها، ونخشى أن يصيبه من الإثم ما قد أصاب الفاتنين المذكورين في الآية بالأعلى.

ولقد كان المأمول بادي الرأي أن يقوم الأزهر، بشيوخه ورجاله رافضاً هذا الاعتداء الآثم على حرية تلك المؤمنة لاسيما بعدما اختطفت على بابه أو قريب منه، كما كان مفروضاً أن تتناول البرامج الحوارية المصرية التي لا حصر لها هذه القضية لولا أن كثيراً منها خاضع للمال القبطي المسيس في مصر، وكان طبيعياً أن تقوم المنظمات الحقوقية التي تدعي احترامها لحقوق الإنسان ورعاية حرية المعتقد والرأي وتستمد شرعيتها من دفاعها عن تلك الحقوق، أن تنهض بمهمتها في الدفاع عن كاميليا شحاتة، وكان متوجباً عن هيئات الدفاع عن المرأة أن تحمل قضيتها على كاهلها، لكن كل ذلك لم يحدث وانكشف الغطاء وذابت المساحيق.

وإذا كنا لا نعير تلك الأخيرة أي اهتمام لمعرفتنا بنواياها وتمويلها وحقيقتها النفاقية وأجنداتها الغربية وولاءاتها وتوجهاتها، فإننا نرجو من الأزهر بشيوخه وهيئاته ورجاله أن يرتقي إلى مستوى المسؤولية وألا يترك المسكينة تلقى مصير وفاء قسطنطين وغيرها، وأن يدرك أن المسألة لا تتعلق بامرأة إسلامها عزيز وحسب، بل بتنازل تلو آخر حتى يغدو شأن المسلمين في مصر أدنى بكثير من غيرهم، ويجعل عزة مؤمنيها محل نظر.

الأمر أكبر من كاميليا وإن أمرها لكبير، إنها مهابة الأزهر ذاته، وقيمة المسلمين أنفسهم في أرضهم، وحقوقهم العادلة التي صارت موضع شك؛ فهلا سمعنا صوتاً أزهرياً يقول: "إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق"
المسلم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق