الاثنين، 16 أغسطس 2010

أين المتاجرون بحقوق المرأة في بلادنا؟!


جمال سلطان

من الصعب الحديث عن المحنة الإنسانية التي تعيشها المواطنة "كاميليا شحاتة زاخر" زوجة كاهن دير مواس ، دون أن نتوقف في محطة مهمة للغاية ، وهي تلك المتعلقة بالمنظمات الحقوقية التي تنشط في مصر بالعشرات بل بالمئات ، أكثر من الهم على القلب كما يقولون ، ومع ذلك لم يسمع أحد لهم حسا في هذا الموضوع ولا في قضية المسكينة "وفاء قسطنطين" التي اختفت بنفس الطريقة بعد إعلان إسلامها ، وهناك أكثر من أربعين منظمة من تلك المنظمات الحقوقية المزعومة تخصصها الأساس حقوق المرأة ، ومع ذلك خرسوا جميعا ولم ينطق أحدهم بحرف عن تلك المأساة التي تتحدث عنها مصر الآن ، إحداهن وهي صحفية ماركسية معروفة زاعقة الصوت "تلعب" في هذا المجال هي وأسرتها بالكامل ، حيث تعمل هي وزوجها وأبناءها في هذا النشاط الخصب جدا والممتع جدا والثري جدا ، رفضت الحديث عن "كاميليا شحاته" عندما سألها بعض الصحفيين وقالت ـ بقريفة زائدة ـ "مش موضوعنا"!! ، بما يعني أن قضية كامليا ليست مدرجة في "الأجندة" الخاصة بحقوق المرأة عند المناضلة اليسارية ، وبالتالي فليس من اهتمام هذه "المناضلة" وبوتيك حقوق الإنسان الخاص بها السؤال عن مصير هذه السيدة ولا أن تطالب بالالتقاء بها وزيارتها والاطمئنان على سلامتها النفسية والبدنية ولا أن تتحقق من أنها لا يمارس ضدها أي قهر أسري أو ديني أو أمني أو سياسي ، كل ذلك ليس "موضوع" أصحاب بوتيكات حقوق الإنسان في بلادنا ، والحقيقة أن هذه الظاهرة الخطيرة ، ظاهرة إجماع المنظمات الحقوقية في مصر على تجاهل محنة هذه المواطنة وغيرها ، بقدر ما يفضح انتهازية تلك المنظمات ولا إنسانيتها ، بل وأنها شريكة في الجرائم المرتكبة ضد الإنسان المصري ، بقدر ما يكشف عن خطورة التمويل الأجنبي للمنظمات الأهلية الحقوقية وغير الحقوقية ، لأن المال الأجنبي يأتي دائما محملا بأجندة محددة ، وأحد شروط التمويل التزام الطرف المحلي بهذه الأجندة ، وأي إخلال ببنود هذه الأجندة التي يتم إملاؤها والتوقيع على القبول بها من خلال استمارات "التسول" التي ترسل إلى الجهات المانحة يعني إغلاق "الدكان" المحلي ، لأن السبوبة ستنقطع حتما أو يرفض طلب تمويل تلك المجموعة من أصله ، والأجندة التي يحددها المال الأمريكي أو الأوربي عادة ترتبط بتفكيك بنية المجتمع الإسلامي أخلاقيا وسلوكيا وفكريا وثقافيا وصولا إلى تفكيك الدين ذاته ، والأجندة لا تقدم هذه اللائحة بتلك المفردات المباشرة ، وإنما من خلال حزمة شروط وأطر عامة تتحدث عن الالتزام بمعايير دولية في قضايا المرأة والأسرة والطفولة ، ترتبط بمقررات مؤتمرات دولية ومؤسسات دولية مناقضة بالكلية للإسلام وقيمه وشريعته ، ومتصلة تفصيليا بشؤون التربية والتعليم والزواج والطلاق وقضايا الأسرة بشكل عام كطبيعة رابطة الزواج وسن الزواج والعلاقات الجنسية خارج إطار الزواج وحتى خارج إطار "الفطرة" كالعلاقات الشاذة "المثلية" ، وغير ذلك مما هو معروف من القضايا التي تنشط لها "المنظمات" المحلية ، ولذلك فإن مثل هذه المراكز الحقوقية في بلادنا أشبه بوكلاء محليين توظفهم قوى ومؤسسات دولية "ثرية" لتنفيذ مشروعات أو ترويج أفكار أو التمهيد لخطط وقوانين وإجراءات ، يعجزون هم عن الترويج لها بشكل مباشر في مجتمعات المسلمين ، ومعظم من يعملون في تلك المنظمات أو ما أطلق عليها "البوتيكات" المتاجرة بحقوق الإنسان في بلادنا ، كانوا قبل هذه "السبوبة" عاطلين عن العمل ، أو فاشلين مهنيا ، أو مهمشين سياسيا واجتماعيا ، وبدلا من ضياع أوقاتهم على المقاهي ، تحولوا إلى هذه "السبوبة" التي فتحت لهم حسابات دولارية متخمة بالبنوك بعد طول معاناة مع الحاجة والتيه ، ولذلك هم مرغمون على "الوفاء" لأسيادهم ومموليهم ، حتى يستمر ضخ المال الحرام من الخارج ، ويمكن أن يبيعوا أي قضية في الوطن مهما كانت مؤلمة ومروعة خشية انقطاع ضخ المال الحرام ، كما حدث في واقعة "كاميليا شحاتة" لأنها "مش موضوعهم" ، أو بمعنى آخر ليست مدرجة في "أجندة التمويل" ، فإذا أضفنا إلى ما سبق ارتباطا مباشرا وغير مباشر للمؤسسات المانحة بدوائر كنسية غربية لها مؤسسات "دعم" إنساني عابرة للقارات وشبكة علاقات ثقافية وحقوقية وإعلامية نشطة جدا ، فإن "بيع" قضية كاميليا وألف ضحية مثلها يكون مفهوما ومستوعبا ، ولو أن "كاميليا" كانت زوجة "شيخ" أو داعية إسلامي أو عالم دين إسلامي وحدث لها هذا الذي حدث لوجدت مائة منظمة من هؤلاء يغرقون البلاد ببيانات التنديد والفاكسات الساخنة إلى الوكالات والصحف وربما بلاغات إلى النائب العام ، وستكون كاميليا "موضوعهم" بالتأكيد وقتها!! ، مثل هؤلاء الدجالين المتاجرين بقضايا المرأة وحقوقها في بلادنا لا يستحقون أكثر من حفنة تراب ترمى في وجوههم إذا صادفهم أحد يتحدثون عن الحقوق في أي مكان من بر مصر .
المصريون

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق