الجمعة، 3 سبتمبر 2010

ردا على فتوى على جمعة ...مفتي الدمار وفتاوى العار


مفتي الدمار وفتاوى العار
 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خير خلْق الله أجمعين، وعلى آله وأزواجه وأصحابه الأخيار الطاهرين.
وبعد:
فما زالت قضية كاميليا شحاتة تكشف لنا الحقائق، وتبين لنا من الذين أخلصوا لله ودينه، كما تسقط في المقابل أقنعة المنبطحين الذين خانوا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وخانوا أمتهم، وباعوا دينهم بثمن بخس وعَرَضٍ من الحياة الدنيا.
فقد نشرت جريدة صوت الأمة على لسان مفتي العار والدمار علي جمعة فتوى أكدت أنها تمتلك تسجيلاً لها، وتفيد تلك الفتوى جواز تسليم كاميليا شحاتة للكنيسة قياسًا على ما وقع في صلح الحديبية من ردّ من أراد الإسلام من قريش.
وهذا رابط فيه صورة الخبر لمن أراد أن يتوثق من الخبر:

 والحقيقة أن هذه الفتوى تعدّ سقوطًا جديدًا لرجال الأزهر الرسميين في سلسلة اعتدنا عليها من أولئك المعمّمين الخونة المحاربين لدين الله، الذين سخّروا أنفسهم لحرب أهل العلم والدعاة، والتهجم على النقاب والمنتقبات، ونشر البدع والضلالات، ونفاق الحكام والسلاطين، والسقوط في أحضان الكافرين، ومداهنة أهل الفن والغناء الفاسقين.
لقد استباح هذا الصوفي الدجال الغارق في مستنقعات البدع أن يكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بلا أي حريجة من دين أو خلق، مدعيًا أنه قارئ للدين وعالم في الشرع وفاهم للشريعة، والحق أنه جاهل سفيه لا يحسن إلا التدليس على المجاذيب من أتباعه، ولا يجيد إلا تحريف معاني النصوص والنقول ليخدع بها ضحاياه من ضعاف العلم والعقل.
وليخسأ هذا القبوري الضال وأتباعه صاغرين لدرس ألقّنه لهم الآن ، أبين فيه سقوطه العلمي والخُلقي، وأكشف للمنخدعين فيه مدى جهله وجرأته على الدين بالباطل، وليعلم الجميع مَن الذي لا يقرأ كتب أهل العلم ومن الذي يكذب على ربه.
إن استدلال هذا المفتري على جواز تسليم كاميليا شحاتة للكنيسة حقنًا للفتنة الطائفية، وقياسًا على ما وقع في صلح الحديبية من الاتفاق على ردّ من أراد الإسلام من قريش إلى الكفار، هو استدلال باطل من وجوه منها:
أولاً: أن هذا لا يُستدل به في حق النساء، لأنه لا يجوز ردّ النساء المسلمات إلى الكفار باتفاق العلماء لقول الله تعالى: " فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ" [الممتحنة: 10] .
قال ابن العربي (أحكام القرآن: 4/229) في سبب نزول هذه الآية: "ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صالح أهل الحديبية كان فيه أن من جاء من المشركين إلى المسلمين رُدّ إليهم ، ومن ذهب من المسلمين إلى المشركين لم يرد؛ وتم العهد على ذلك، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ردّ أبا بصير عتبة بن أسيد بن حارثة الثقفي حين قدم ، وقدم أيضًا نساء مسلمات منهن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ، وسبيعة الأسلمية، وغيرهما، فجاء الأولياء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه ردّهن على الشرط، واستدعوا منه الوفاء بالعهد ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إنما الشرط في الرجال لا في النساء".
وقال ابن قدامة (المغني: 10/519): "وتفارق المرأة الرجل من ثلاثة أوجه:
 أحدها: أنها لا تأمن من أن تزوج كافرًا يستحلها‏، أو يكرهها من ينالها وإليه أشار الله تعالى بقوله‏:‏ "فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ" [الممتحنة: 10] .
الثاني: أنها ربما فتنت عن دينها لأنها أضعف قلبًا،‏ وأقل معرفة من الرجل.
الثالث: أن المرأة لا يمكنها في العادة الهرب والتخلص بخلاف الرجل".
ويضاف إلى ذلك ما ذكره ابن تيمية (مجموع الفتاوى: 32/177): "أنه يستباح في دار الكفر من المرأة المسلمة ما لا يستباح من الرجل" وهذا أمر معلوم، فالكفار لا يتورّعون عن اغتصاب النساء وانتهاك أعراضهن.
ثانيًا: من الأصول الثابتة التي تؤيدها الأدلة الشرعية القاطعة: عدم جواز تسليم المسلمين للكفار، بل ووجوب تحرير من وقع منهم في الأسر.
 قال رسولنا صلى الله عليه وسلم: " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ـ وفي رواية ولا يخذله ـ ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة" [ أخرجه البخاري (2262)، ومسلم (4677)].
قال ابن حجر (فتح الباري:7/346):" وقوله: (ولا يسلمه) أي لا يتركه مع من يؤذيه ولا فيما يؤذيه، بل ينصره ويدفع عنه".
وقال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: "فُكّوا العاني يعني الأسير" [أخرجه البخاري (2794)].
قال ابن بطال (فيض القدير: 4/443): "فكاك الأسير واجب على الكفاية".
ثالثًا: أما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية فلا يصلح للاحتجاج به الآن لاعتبارات منها ما ذكره ابن حزم وغيره من: "أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يردّ إلى الكفار أحدًا من المسلمين في تلك المدة إلا وقد أعلمه الله عز وجل أنهم لا يفتنون في دينهم ولا في دنياهم وأنهم سينجون ولا بدّ.
فعن أنس أن قريشًا صالحوا النبي صلى الله عليه وسلم فاشترطوا على النبي صلى الله عليه وسلم أن من جاء منكم لم نردّه عليكم ومن جاء منا رددتموه علينا قالوا يا رسول الله: أتكتب هذا؟ قال: نعم إنه من ذهب منا إليهم فأبعده الله ومن جاء منهم إلينا فسيجعل الله له فرجًا ومخرجًا.
قال أبو محمد (ابن حزم): قد قال الله عز وجل واصفًا لنبيه صلى الله عليه وسلم "وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى.إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى" فأيقنا أن إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بأن من جاءه من عند كفار قريش مسلمًا فسيجعل الله له فرجًا ومخرجًا وحيٌ من عند الله صحيح لا داخلة فيه، فصحّت العصمة بلا شك من مكروه الدنيا والآخرة لمن أتاه منهم حتى تتم نجاته من أيدي الكفار لا يستريب في ذلك مسلم يحقق النظر.
 وهذا أمر لا يعلمه أحد من الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم ولا يحلّ لمسلم أن يشترط هذا الشرط ولا أن يفي به إن شرطه إذ ليس عنده من علم الغيب ما أوحى الله تعالى به إلى رسوله" (الإحكام في أصول الأحكام: 5/26 باختصار).
وقال أيضًا: "فإن ذكروا حديث أبي جندل، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ردّه على المشركين فلا حجة لهم فيه لوجوه:
 أولها: أنه عليه السلام رده ولم يكن العهد تم بينهم، وهم لا يقولون بهذا.
والثاني: أنه عليه السلام لم يرده حتى أجاره له مكرز بن حفص من أن يؤذى.
والثالث: أنه عليه السلام قد كان الله تعالى أعلمه أنه سيجعل الله له فرجًا ومخرجًا ونحن لا نعلم ذلك.
والرابع: أنه خبر منسوخ نسخه قول الله تعالى بعد قصة أبي جندل: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ" فأبطل الله تبارك وتعالى بهذه الآية عهدهم في رد النساء.
ثم أنزل الله تعالى: (براءة) بعد ذلك فأبطل العهد كله ونسخه بقوله تعالى: " بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ.فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ " وبقوله تعالى في (براءة) أيضا:" كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ" الآية فأبطل تعالى كل عهد للمشركين حاشا الذين عاهدوا عند المسجد الحرام.
 وبقوله تعالى: "فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ".
  وقال تعالى: "قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ".
 فأبطل الله تعالى كل عهد ولم يقرّه، ولم يجعل للمشركين إلا القتل، أو الإسلام، ولأهل الكتاب خاصة إعطاء الجزية وهم صاغرون" (المحلى: 5/362).
وقال ابن العربي في عقد الهدنة: "فأما عقده على أن يردّ من أسلم إليهم فلا يجوز لأحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما جوّزه الله له لما علم في ذلك من الحكمة، وقضى فيه من المصلحة، وأظهر فيه بعد ذلك من حسن العاقبة، وحميد الأثر في الإسلام ما حمل الكفار على الرضا، والشفاعة في حطّه". [أحكام القرآن: 4/231].
رابعًا: أن ما وقع من النبي صلى الله عليه وسلم كان ردًا للمسلمين وليس تسليمًا لهم، وهناك بون شاسع وفرق كبير بين الردّ والتسليم، فالردّ هو أن تترك المسلم وتخلي بينه والكافر دون أن تجبر المسلم على الرجوع للكافر ودون إعانة للكافر على المسلم.
فقد جاء في كتاب أسنى المطالب (21/256): "ومعنى الردّ له التخلية بينه وبينهم كما في رد الوديعة، لا إجباره على الرجوع إذ لا يجوز إجبار المسلم على الإقامة بدار الحرب، فلو شرط في العقد أن يبعث به الإمام إليهم لم يصح ".
وقال الماوردي (الحاوي: 14/812): "فصفة الردّ أن يكون إذنًا منه بالعود، وتمكينًا لهم من الردّ، ولا يتولاه الإمام جبرًا إن تمانع المردود، وكذلك أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي جندل وأبي بصير في العود، فإن أقام المطلوب على تمانعه من العود قيل للطالب: أنت ممُكَّن من استرجاعه، فإذا قدرت عليه لم تمنع منه، وإن عجزت عنه لم تُعَن عليه".
بل ويستحب للإمام أن يأمر المسلم بعدم الرجوع مع الكفار، وأن يطالبه بأن يهرب إن استطاع الفرار، كما قال الشيخ زكريا الأنصاري ( أسنى المطالب:21/256): "ولا يمنع الإقامة عندنا بل يؤمر بها ندبًا سرًا، بأن يقول له الإمام سرًا: لا ترجع، وإن رجعت فاهرب إن قدرت، ويقول للطالب لا أمنعك منه إن قدرت عليه، ولا أعينك إن لم تقدر".
فأين هذا من حالة كاميليا التي خطفت وأخذت عنوة واغتصابًا، ثم سلّمت قهرًا لزبانية الكنيسة دون شفقة أو رحمة أو اعتبار لتوسلاتها واستغاثاتها؟
خامسًا: هل نصارى مصر دولة مستقلة؟ وهل وقع صلح بيننا وبينهم على تسليم من رغب منهم في الإسلام لهم؟ بالطبع لا.
فلست أدري على أي شيء يقيس هذا القبوري المنبطح؟ وهل وصل المفتي إلى حالة من الوَجد الصوفي جعلته يغيب عن الوعي وينسى أن نصارى مصر ما هم إلا أقلية تقبع تحت حكم المسلمين وسلطانهم؟ أم تراه قد أفرط في حلقات الذكر وحفلات الزار حتى تخيّل شنودة رئيسًا لدولة النصارى الأقباط الوهمية؟ أما الراجح عندي فهو أن شدة هوانه وسقوطه وإدمانه للنفاق وعشقه للكرسي قد طمس على بصيرته وجعلته يتردى في سفول مستمر.
سادسًا: أي فتنة هذه التي يتحدث عنها ذاك المبتدع الضال؟ أفتنة أشد من فتنة المسلمات عن دينهن؟ أفتنة أشد من ألا تأمن مسلمة على دينها أو عرضها أو دمها؟
فهل شرع القتال إلا لدرء كل فتنة تحول بين العبد وربه، وتحجز بين المرء ودين الحق حتى يكون الدين كله لله؟
قال الله تعالى: "وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ "[الأنفال:39].
بل إن نجدة المستضعفين وإزالة الظلم والفتنة عنهم من أعظم الغايات التي تُجَرَّد سيوف الجهاد من أجلها، وتُجيَّش الجيوش من أجل تحقيقها؛ فقد قال الله - تعالى -: "وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا" [النساء: 75].
ولقد أوردت كتب السِّيرة في سبب إجلاء بني قينقاع أنَّ امرأة مسلمة قَدِمت ببضاعة لتبيعها في سوق بني قينقاع، وجلست إلى صائغ يهودي في السُّوق، وجعل اليهود يراودونها على كشف وجهها فأبَت، فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها، فلما قامت انكشفت سوءتها، فضحكوا عليها، فصاحت، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله، فاجتمع اليهود على المسلم فقتلوه فكان ذلك كافيًا في نقض عهدهم، وانقضاء أمانهم، وإقامة الحرب عليهم، وإجلائهم من المدينة، ولم يتحدث أحد وقتها عن فتنة طائفية أو وحدة وطنية مع اليهود؛ لأنه كان زمان العزة التي لا يعرفها أمثال هذا الصوفي المنبطح.
 [انظر في قصة إجلاء بني قينقاع: سيرة ابن هشام (2/561)، والمغازي للواقدي (1/176)، والبداية والنهاية لابن كثير (4/3)، وعيون الأثر لابن سَيِّد الناس (1/295)، والروض الأنُف للسُّهَيلي (3/224)].
ومن هنا يظهر جليًا فساد ما ذهب له ابن جمعة وسقوط استدلاله، كما يظهر ضعف حجته وبضاعته العلمية المزجاة التي يخدع بها الذين ما زالوا يحسنون الظن به.
فلا يسعني إلا أن أقول: جزاك الله خيرًا يا أيتها العزيزة كاميليا، فقد أظهرت لنا قضيتك الحقائق، وأسقطت أقنعة الزيف عن وجوه الدجالين من تجار الدين، ليعلم الناس الصادقين من الكاذبين، والمخلصين من الخائنين.
وأما أنت يا مفتري الديار، ويا مفتي الدمار، أما كفاك كل ذاك الخزي والعار؟ فإن كنت قد ارتضيت الذل والصَّغار، وموالاة المنافقين والكفار، فلا تجعلنَّ ذلك من دين العزيز الجبار.
يا نزيل الأضرحة والقبور، يا لابس أثواب الزور، اعلم أنك هالك وأن أمرك إلى ثبور، فإن كنت تقبل التفريط في عرضك وتسليم أختك للكفار فلا تلصق دياثتك هذه بدين الله فهو منك براء، وألقم نفسك حجرًا يكفيك شر اللهث والعُواء.
قال الله تعالى: "وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ. وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ"[الأعراف: 175-176].

أبو عبد الله الصارم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق