شريط كاميليا !!
جمال سلطان
كنت في الدوحة ، لمقابلة مع قناة الجزيرة ، عندما وصلتني رسالة تقول لي أن هناك شريطا على الانترنت خاص بكاميليا نرجو مراجعته ، وعندما فتحت الشريط ورأيته وسمعته كنت حزينا للغاية من أول دقيقة فيه ، شعرت أنني بالفعل أمام نسخة طبق الأصل من شرائط الفيديو التي تسربها بعض الجماعات المقاتلة مثل تنظيم القاعدة أو حركة طالبان للأسرى الغربيين الذي يقعون في أيديهم ، وبعد عدة أشهر من الأسر وما يتم فيه يظهرونهم أمام كاميرات مع خلفيات خاصة تخفي معرفة مكانهم أو المنطقة التي يعيشون فيها لعرض بعض الجمل التي يقولونها يشكرون فيها في حسن ضيافة مختطفيهم وأنهم أحسنوا إليهم أكثر من أهليهم وأنهم يتمنون البقاء معهم بقية العمر كما يطالبون الجميع بالاستجابة لمطالب الخاطفين "المشروعة" وسرعة تلبيتها ، وتساءلت بيني وبين نفسي : هل هذا هو المستوى الذي وصلت إليه الكنيسة المصرية في تعاملها مع المواطنين ومع الرأي العام في مصر ومع الدولة المصرية ذاتها ، وهل هذه هي الصورة التي تحب أن تظهر بها الكنيسة المصرية أمام "شعبها" ، وعندما عدت إلى مصر وتابعت الأمر من جوانب عديدة فوجئت باتساع دائرة عدم تصديق الشريط أصلا ونسبته للسيدة "كاميليا شحاتة" رهينة تنظيم "الكنيسة المصرية" ، وانتشر الجدل الواسع حول الصور ومطابقتها للتأكيد على أنها ليست هي ، وفي الحقيقة ـ رغم أنه جدل مشروع ومفهوم ـ إلا أنه يصرف القضية عن جوهرها ، فحتى لو افترضنا أن السيدة التي في الشريط هي ذاتها "كاميليا" فإن مثل هذه الطريقة لا يمكن لإنسان عاقل أن يقبل بها شهادة على "الحقيقة" ، أسلوب التنظيمات السرية وشرائطها يهين الكنيسة المصرية بصورة غير مسبوقة ، وأتصور أنه لذلك السبب سارعت الكنيسة بعد عدة أيام لنفي صلتها بالشريط ، أتمنى أن يكون هناك عقلاء بين قيادات الأقباط ينصفون البابا شنودة من نفسه ، ويبادرون إلى إطلاق سراح تلك المرأة المسكينة ، أيا كان وضعها ، مسلمة أو مسيحية ، أعيدوها إلى أهلها وناسها وجيرانها وطفلها وبيتها لتستعيد حياتها الطبيعية ، أو سلموها إلى أجهزة الدولة التي استلمتموها منها ، ودعوها تبقى فترة من الزمن في رعاية مؤسسات الدولة وحمايتها ، وامنحوها الأمن والأمان ، ثم دعوها بعد ذلك تختار ما تريد ، كاميليا ليست أول سيدة تسلم ولن تكون الأخيرة ، ومسألة إسلامها أو مسيحيتها كانت في البداية هامشية ، وكان من الممكن أن تمر كما مرت قصص وحكايات أخرى كثيرة ، ولكن غضب الناس كان بسبب العناد البابوي والتصرف مع مواطنة كأسير ، واختطاف الضعفاء والسيطرة عليهم وحبسهم بدون مسوغ من القانون وفي غير الأماكن التي حددها القانون أيضا ، بما أعطى انطباعا أن الكنيسة انتزعت مكان الدولة ودورها ، هذا ما أغضب الناس وحول حادثة فردية عادية إلى كرة لهب تتسع يوما بعد يوم ، المطلب الجوهري للرأي العام ولنا ولكل إنسان ، هو الحرية لكاميليا ، وعودتها كمواطنة تحت حماية القانون ورعاية الدولة وأمن وأمان المجتمع ، ولها أن تختار بعد ذلك أن تدخل في الإسلام أو أن تبقى في المسيحية أو تختار أي ملة أخرى ، جوهر الأزمة ليس متصلا بإسلام امرأة ، بقدر ما هو فزع من اختطاف الدولة من قبل الابتزاز الكنسي ، خاصة وأنها ليست الحالة الوحيدة فقد سبقها حالات أخرى تم فيها اختطاف سيدات أو فتيات أسلمن ، وبعضهن نشرن شرائط إسلامهن بالفعل ، ثم اختفين في أقبية الأديرة دون أن يعرف أحد عنهن شيئا ، هذا ما يستفز الناس ويفزعهم ويقلقهم على الدولة والوطن وعلى الحرية أيضا ، هب أن هذا الشريط صحيح ، وأن من فيه هي كاميليا ، وأنها قبلت أو اضطرت للعودة عن الإسلام والبقاء على مسيحيتها ، وأنها الآن مسيحية ، هل كونها مواطنة مسيحية يعطي الكنيسة الحق والشرعية لحبسها وحجزها وعزلها عن العالم والتحفظ عليها وتقييد حريتها وحركتها والسيطرة عليها خارج إطار القانون وانتزاع كافية حقوقها كمواطنة ، لتكون رهينة الحبس الكنسي ، غضب الرأي العام هو من عناد البابا شنودة وقادة الكنيسة وتصريحاتهم المستفزة على طريقة "ليس من حق أحد يسأل عنها أين هي" وكأنها من رعاية دولة أخرى ، أو الحديث بأسلوب "أعلى ما في خيلكم اركبوه" ، هذا خطير في مثل تلك القضايا الحساسة ، لماذا سارعت الكنيسة إلى إخفاء كاميليا وعزلها بعد انتشار أخبار إسلامها ، ولماذا يقول الكهنة أنها تعرضت لغسيل مخ ونحن نغسل مخها المغسول ، هل بهذه السهولة يتحول المواطن إلى فأر تجارب يتلاعب به الكهنة ، ومن الذي منح البابا أو غيره سلطة حجزها أو عزلها أو غسل مخها ، لماذا تخاف الكنيسة على "كاميليا" من النور والهواء والحرية ، إلا إذا كانت هناك قناعة لدى البابا بأن هذه السيدة إذا خرجت للحرية والنور ستقول ما يحرجهم ، ولذلك قرروا سجنها إلى الأبد .
جمال سلطان
كنت في الدوحة ، لمقابلة مع قناة الجزيرة ، عندما وصلتني رسالة تقول لي أن هناك شريطا على الانترنت خاص بكاميليا نرجو مراجعته ، وعندما فتحت الشريط ورأيته وسمعته كنت حزينا للغاية من أول دقيقة فيه ، شعرت أنني بالفعل أمام نسخة طبق الأصل من شرائط الفيديو التي تسربها بعض الجماعات المقاتلة مثل تنظيم القاعدة أو حركة طالبان للأسرى الغربيين الذي يقعون في أيديهم ، وبعد عدة أشهر من الأسر وما يتم فيه يظهرونهم أمام كاميرات مع خلفيات خاصة تخفي معرفة مكانهم أو المنطقة التي يعيشون فيها لعرض بعض الجمل التي يقولونها يشكرون فيها في حسن ضيافة مختطفيهم وأنهم أحسنوا إليهم أكثر من أهليهم وأنهم يتمنون البقاء معهم بقية العمر كما يطالبون الجميع بالاستجابة لمطالب الخاطفين "المشروعة" وسرعة تلبيتها ، وتساءلت بيني وبين نفسي : هل هذا هو المستوى الذي وصلت إليه الكنيسة المصرية في تعاملها مع المواطنين ومع الرأي العام في مصر ومع الدولة المصرية ذاتها ، وهل هذه هي الصورة التي تحب أن تظهر بها الكنيسة المصرية أمام "شعبها" ، وعندما عدت إلى مصر وتابعت الأمر من جوانب عديدة فوجئت باتساع دائرة عدم تصديق الشريط أصلا ونسبته للسيدة "كاميليا شحاتة" رهينة تنظيم "الكنيسة المصرية" ، وانتشر الجدل الواسع حول الصور ومطابقتها للتأكيد على أنها ليست هي ، وفي الحقيقة ـ رغم أنه جدل مشروع ومفهوم ـ إلا أنه يصرف القضية عن جوهرها ، فحتى لو افترضنا أن السيدة التي في الشريط هي ذاتها "كاميليا" فإن مثل هذه الطريقة لا يمكن لإنسان عاقل أن يقبل بها شهادة على "الحقيقة" ، أسلوب التنظيمات السرية وشرائطها يهين الكنيسة المصرية بصورة غير مسبوقة ، وأتصور أنه لذلك السبب سارعت الكنيسة بعد عدة أيام لنفي صلتها بالشريط ، أتمنى أن يكون هناك عقلاء بين قيادات الأقباط ينصفون البابا شنودة من نفسه ، ويبادرون إلى إطلاق سراح تلك المرأة المسكينة ، أيا كان وضعها ، مسلمة أو مسيحية ، أعيدوها إلى أهلها وناسها وجيرانها وطفلها وبيتها لتستعيد حياتها الطبيعية ، أو سلموها إلى أجهزة الدولة التي استلمتموها منها ، ودعوها تبقى فترة من الزمن في رعاية مؤسسات الدولة وحمايتها ، وامنحوها الأمن والأمان ، ثم دعوها بعد ذلك تختار ما تريد ، كاميليا ليست أول سيدة تسلم ولن تكون الأخيرة ، ومسألة إسلامها أو مسيحيتها كانت في البداية هامشية ، وكان من الممكن أن تمر كما مرت قصص وحكايات أخرى كثيرة ، ولكن غضب الناس كان بسبب العناد البابوي والتصرف مع مواطنة كأسير ، واختطاف الضعفاء والسيطرة عليهم وحبسهم بدون مسوغ من القانون وفي غير الأماكن التي حددها القانون أيضا ، بما أعطى انطباعا أن الكنيسة انتزعت مكان الدولة ودورها ، هذا ما أغضب الناس وحول حادثة فردية عادية إلى كرة لهب تتسع يوما بعد يوم ، المطلب الجوهري للرأي العام ولنا ولكل إنسان ، هو الحرية لكاميليا ، وعودتها كمواطنة تحت حماية القانون ورعاية الدولة وأمن وأمان المجتمع ، ولها أن تختار بعد ذلك أن تدخل في الإسلام أو أن تبقى في المسيحية أو تختار أي ملة أخرى ، جوهر الأزمة ليس متصلا بإسلام امرأة ، بقدر ما هو فزع من اختطاف الدولة من قبل الابتزاز الكنسي ، خاصة وأنها ليست الحالة الوحيدة فقد سبقها حالات أخرى تم فيها اختطاف سيدات أو فتيات أسلمن ، وبعضهن نشرن شرائط إسلامهن بالفعل ، ثم اختفين في أقبية الأديرة دون أن يعرف أحد عنهن شيئا ، هذا ما يستفز الناس ويفزعهم ويقلقهم على الدولة والوطن وعلى الحرية أيضا ، هب أن هذا الشريط صحيح ، وأن من فيه هي كاميليا ، وأنها قبلت أو اضطرت للعودة عن الإسلام والبقاء على مسيحيتها ، وأنها الآن مسيحية ، هل كونها مواطنة مسيحية يعطي الكنيسة الحق والشرعية لحبسها وحجزها وعزلها عن العالم والتحفظ عليها وتقييد حريتها وحركتها والسيطرة عليها خارج إطار القانون وانتزاع كافية حقوقها كمواطنة ، لتكون رهينة الحبس الكنسي ، غضب الرأي العام هو من عناد البابا شنودة وقادة الكنيسة وتصريحاتهم المستفزة على طريقة "ليس من حق أحد يسأل عنها أين هي" وكأنها من رعاية دولة أخرى ، أو الحديث بأسلوب "أعلى ما في خيلكم اركبوه" ، هذا خطير في مثل تلك القضايا الحساسة ، لماذا سارعت الكنيسة إلى إخفاء كاميليا وعزلها بعد انتشار أخبار إسلامها ، ولماذا يقول الكهنة أنها تعرضت لغسيل مخ ونحن نغسل مخها المغسول ، هل بهذه السهولة يتحول المواطن إلى فأر تجارب يتلاعب به الكهنة ، ومن الذي منح البابا أو غيره سلطة حجزها أو عزلها أو غسل مخها ، لماذا تخاف الكنيسة على "كاميليا" من النور والهواء والحرية ، إلا إذا كانت هناك قناعة لدى البابا بأن هذه السيدة إذا خرجت للحرية والنور ستقول ما يحرجهم ، ولذلك قرروا سجنها إلى الأبد .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق