الثلاثاء 16 فبراير 2010
يبدو أن حالة القلق التي يعيش فيها الأنبا كيرلس أسقف نجع حمادي لن تنتهي قريبا، فقد أشارت مصادر من الدائرة المقربة من المقر البابوي إلي أن الكنيسة تتحرك الآن لتقييم موقف وأداء الأنبا كيرلس خلال السنوات الماضية في إبراشيته.
لقد اجتهدت الصحف في الإشارة إلي العلاقة المتأصلة بين عبدالرحيم الغول وحمام الكموني مرتكب مجزرة نجع حمادي ، وهي علاقة لم ينكرها، خاصة أنها موثقة بالصور، لكن لم يلتفت أحد إلي ما سربته مصادر أمنية من أن الأنبا كيرلس كانت له هو الآخر علاقة وثيقة بالكموني، بل وكان يستخدمه من أجل حماية الكنيسة، وكان يجمع له بنفسه الإتاوات من أغنياء الأقباط، حتي لا يقترب أحد منهم.
ارتقي الشك إلي هذا الكلام لأنه نسب إلي مصادر أمنية في البداية، رغم أن الأنبا كيرلس نفسه اعترف به، صحيح أنه اعترف به اعترافا مراوغا، لا يملك أحد أن يأخذه عليه أو يؤاخذه به، فقد قال إن الكموني كان يقول له يا سيدنا وأنه لم يكن يعرف شيئا عن سلوكه الإجرامي، وهو كلام يمكن أن يبرئ به الأنبا كيرلس نفسه، لكن ماذا يقول الأنبا كيرلس في كلام تردده مصادر من داخل الكنيسة، وقريبة الصلة جدا بالبابا شنودة، وهي مصادر في الغالب الأعم لا تكذب.
أشارت هذه المصادر إلي أن الكنيسة الآن تجمع معلومات عن أداء الأنبا كيرلس في نجع حمادي، وخاصة عن علاقته بحمام الكموني، وإلي أي مدي وصلت هذه العلاقة، بل إن هناك من يؤكد أن الكنيسة تستعد لمحاكمة ومساءلة الأنبا كيرلس عن أحداث كثيرة جرت في قنا، وكان هو السبب الأساسي فيها، بسبب ما عرفة عن رغبته في أن يكون له دور سياسي.
أكثر ما تأخذه المصادر الكنسية علي الأنبا كيرلس أنه كان يناطح عبدالرحيم الغول في منطقة نفوذه، إنه يعرف أن قنا منطقة عائلات، فهناك العرب وهناك هوارة، ولأن الأقباط لا يملكون عائلة هناك، فقد اختار الأنبا كيرلس أن تكون هناك عائلة للأقباط تنافس العائلات الصعيدية، وهو ما يعرض الأقباط جميعا إلي الخطر.
ولو افترضنا أن ما تقوله المصادر الكنسية صحيحا، فإن الأنبا كيرلس بذلك يخرج ما حدث للأقباط من باب أنه فتنة طائفية، إلي أنه جريمة ترتكب بين العائلات في قنا أخذا بالثأر.
لقد حاول الأنبا كيرلس أن يستغل الحدث الأخير في نجع حمادي لاكتساب شعبية بين الأقباط، وهناك من يؤكد أن أحمد عز أمين تنظيم الحزب الحاكم عندما زار نجع حمادي، لم تكن الزيارة من أجل تقديم العزاء فقط، ولكنه كان يحاول أن يستوعب آثار ما نتج عن هذا الحادث، ويبدو أن الأنبا كيرلس استغل الفرصة ولم يرد أن يفلتها من بين يديه، فقد طلب من أحمد عز أن يقوم الحزب الوطني بتوظيف عدد من شباب الأقباط - 100 شاب - كنوع من التهدئة أو المصالحة.
التقارير التي تعدها الكنيسة عن الأنبا كيرلس امتدت إلي علاقاته القوية بالأمن ومحاولة إقحام الكنيسة في السياسة، وقد يكون من المناسب أن ننشر صورة لها دلالة للتأكيد علي ما يفعله الرجل في قنا.
الصورة لم يلتفت لها كثيرون بما ينبغي وبما يليق بها، لكني أعتقد أنها تملك ما تقوله، بل إننا لو تأملناها بعمق لاستطعنا أن نفسر كثيرا مما استغلق علينا في مذبحة نجع حمادي والتي لم يغلق ملفها حتي الآن (الجلسة الأولي في محاكمة مرتكبي المذبحة الكموني ورفاقه في 13 فبراير الحالي).
الصورة للأنبا كيرلس أسقف قنا يجلس في مطرانيته، وعلي الحائط الذي يستند عليه تظهر ثلاث صور علي اليسار صورة للبابا شنودة بطريرك الكنيسة المرقسية، وفي المنتصف صورة للصليب، وفي اليمين صورة للرئيس محمد حسني مبارك.
من يعرفون الكنائس وما يعلق فيها من صور، سيعرفون المخالفة الذي وقع فيها الأنبا كيرلس، علي أساس أنه لا يستطيع أحد أن يعلق قشة وليست صورة في كنيسته إلا بإذنه، ففي المعتاد وعلي حوائط الكنائس تتوسط صورة الصليب صورتان الأولي للمسيح عليه السلام، والثانية للبابا شنودة.
أراد الأنبا كيرلس أن يضع صورة للرئيس مبارك - وهذا حقه - ولابد أنه وقع في مأزق، فحتي يضع صورة للرئيس فلابد أن يرفع صورة من الثلاثة، من المستحيل طبعا أن يرفع صورة الصليب الذي تقوم عليه العقيدة المسيحية كلها، ومن المستحيل أكثر أن يرفع صورة البابا شنودة لأسباب يعرفها هو جيدا، فهانت عليه صورة المسيح عليه السلام فرفعها ليضع محلها صورة للرئيس مبارك.
لقد أعلن الأنبا كيرلس من خلال هذه الصورة ولاءه السياسي للرئيس مبارك، وكأنه يغلق بذلك الباب علي من يمكن أن يزايد عليه، أو يأتيه من باب أنه يحرض الأقباط ضد مصر، لكن هناك ما هو أهم ، فالأنبا كيرلس لم يرفع هذه الصورة من باب التقية، أو من باب خزي العين، إنه مقتنع جدا بضرورة أن يكون له دور سياسي، لقد أشار الجميع إلي الدور الذي يلعبه النائب عبدالرحيم الغول، وأنه يلعب بالدين من أجل أغراض السياسة، ونسي هؤلاء أن يشيروا إلي أن الأنبا كيرلس أيضا يستخدم الدين في أغراض السياسة، وهو ما لن تغفره له الكنيسة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق