الأحد، 14 فبراير 2010

ساعدوا البابا مكسيموس


الأنبا  مكسيموس (رويترز)

محمود سلطان | 14-02-2010 23:05

يظل الموقف من بابا كاتدرائية المقطم الأنبا مكسيموس، دليل إدانة لكافة منظمات حقوق الإنسان في مصر من جهة، وكاشفا لـ" تواطؤ" الصحف المصرية مع كنيسة البابا شنودة على مشروع مكسيموس الإصلاحي من جهة أخرى.
ما يتعرض له الأنبا مكسيموس، يعتبر اضطهادا دينيا لا يمكن أن يبرره أولوا الضمائر والمروءة: كنيسة العباسية لم تتركه في حاله تطارده أينما كان وتحرض عليه السلطات الأمنية والقضائية، ولم تقبل إلا أن يبارك البابا شنودة وهو صاغر وذليل!.
الصحف المصرية تتجاهل الرجل وتتركه وحيدا بلا أية حماية إعلامية أمام قوى دينية كنسية متطرفة لا تتورع عن البطش بأي مسؤول كنسي آخر، فكر ـ مجرد التفكيرـ في الاجتهاد بعيدا عن رأي البابا شنودة.
مكسيموس لم يكفر بأصول العقيدة المسيحية.. الرجل فقط اجتهد في فضاءاتها التي تقبل بالاجتهاد والتجديد، سيما تلك الخاصة بالإحوال الشخصية، وأخرى تتعلق بملف العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في مصر، وهي في مجملها تأتي في سياق حركات الإصلاح الديني الذي بات ضرورة بعد ثلاثين عاما من الجمود والتطرف والصدام مع المجتمع خارج الكنيسة.
كنيسة العباسية "غاضبة" على مكسيموس.. هذا شأنها.. غير أنه من المؤلم حقا، أن تغضب الصحف والإعلام الخاص والحكومي لغضب البابا شنودة، ويحرص على مشاعر الأخير، بل و"يطبطب" عليه و"يدلع" قساوسته، رغم سجل كاتدرائية العباسية المترع بالشحن الطائفي وتحويل المسيحية من "دين" إلى "هوية" موازية لهوية الدولة الأم، وإحالة البلد ولأول مرة ـ منذ أكثر من أربعة عشر قرنا ـ لتعيش في حالة صدام بين الهويات، والتحريض على إعادة السؤال حول هوية مصر مجددا وما إذا كانت مسيحية فرعونية قبطية أم عربية إسلامية.. وفي سياق شديد التطرف والاستفزاز، يعيد اصطفاف البلد كلها على أساس طائفي لا وطني .. ويدفع في اتجاه اشعال الفتن والحروب الدينية والطائفية التي قد يدفع ـ حال حدوثها لا قدر الله ـ الأقباط الغلابة والمساكين وحدهم ثمنها.
الكل ـ ارضاء لقوى التطرف داخل الكنيسة ـ يتواطؤ ويتآمر على أهم مشروع إصلاحي مسيحي ظهر في مصر خلال العقود الثلاثة الأخيرة.. إذ يحمل مكسيموس رؤى متقدمة وحضارية لإعادة "الحميمية" إلى العلاقة بين مسيحيي مصر ومسلميها، فضلا عن تبني خطاب ديني رقيق وصوفي يتسق و"المحبة" التي دعا إليها المسيح عليه السلامن فضلا عن اجتهادات متجاوزة للتشدد الكنسي الحالي الذي اتسعت معه عذابات مئات الآلاف من الأسر المسيحية التي وصفتها الكاتبة القبطية كريمة كمال بـ"المحطمة" بسبب تشدد كنيسة العباسية في مسألة "طلاق الأقباط" و"الزواج الثاني".. وهي قضايا.. صحيح أنها تخص الأخوة الأقباط فقط إلا أن تداعياتها تلقي بظلالها على المجتمع المصري ككل.. حيث بات التشدد الكنسي في هذه المسألة مصدرا لتصدير الأزمات الطائفية إلى البلد كلها.. ولعل الهجرة الدينية الداخلية من الأرثوذكسية إلى الملل والأديان والأخرى وما تفرزه من صدامات طائفية تعتبر واحدة من تجليات هذا التطرف في التأويل الديني الرسمي لمسألة "طلاق الأقباط".
مكسيموس .. عنده الكثير من الحلول .. وأعتقد أن دعم هذا الرجل ومساعدته يعتبر عملا "وطنيا" يجنب مصر الكثير من "المصائب" التي ابتليت بها منذ عام1972
المصريون



هناك تعليق واحد: