بدأت سلسلة من الحوار الإسلامي- المسيحي بناء على دعوة الأنبا مكسيموس، رئيس المجمع المقدس لكنائس القديس أثناسيوس واستهلت اجتماعاتها بحضور الدكتور عبد المعطى بيومي العميد السابق لكلية أصول الدين بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية وناشطين مدنيين أعضاء بمؤسسة "المصريين".
أكد الأنبا مكسيموس أهمية الحوار مع مؤسسة كبرى مثل الأزهر لها مكانتها، مشددا على أن الهدف من ذلك هو التركيز على ضرورة قبول الآخر والاعتراف به مع احتفاظ الكل بخصوصية إيمانه الذي يسكن سريرته، وأشار إلى أن المسلمين لهم أسوة حسنة بالرسول –صلي الله عليه وسلم- في تعامله مع المسيحيين حيث يذكر التاريخ أنه لم يقاتل النصارى ولم يجبر نصرانيا على الدخول للإسلام وأن علاقته بنصارى نجران كانت دليلا قويا على ذلك.
وطالب في كلمته بالسعي إلى تحقيق التقارب بين البشر على اختلاف أعراقهم ودياناتهم، لأن "الإنسان هو الإنسان والله هو الله ولا يجوز للبشر أن يلعبوا دور الله على الأرض"، مشددا على ضرورة أن يقدم كل من المسيحيين والمسلمين أفضل ما لديهم، مضيفًا: "نحن نرفض فكرة الإكراه في الدين وأن يحترم كلا منا الآخر"، وقال: دعونا نحب بعضنا بعض و نترك ونطرح كل الخلافات جانبا.
من جانبه، أقر الدكتور عبد المعطى بيومي بوجود مشاكل حقيقية داخل المجتمع المصري بين المسلمين والمسيحيين لكنه قال إنها لا ترقى إلى الفتنة الطائفية، واعتبر ما حدث في نجع حمادي حيث قتل ستة أقباط وشرطي مسلم "عملا إجراميا"، ورأى من وجهة نظره أن الأزمة تكمن في التعامل مع النص الديني وفهمه، فهناك فجوة في تطبيق بعض النصوص والترويج للخرافة باستخدام النص الديني.
وعزا وقوع الحوادث الطائفية إلى غياب الحوار المؤثر في المجتمع ما تسبب في تصاعد حجم الخلافات بين المسلمين والمسيحيين، واعتبر مبادرة الأنبا ماكسيموس هي البداية الحقيقية لإصلاح حالة الخلل في العلاقة بين المسلمين والمسيحيين، وأنها المرة الأولى التي يعقد فيها الأزهر حوارا جادا مع الكنيسة الأرثوذكسية.
وأضاف قائلا: لسنا بحاجة إلى ثقافة العصور الوسطى بل نحن بحاجة إلى مشروع حضاري ثقافي يتماشى مع القرن الحادي و العشرين، وشدد على أن الحوارات أحادية الجانب فقدت قدرتها على التأثير في المجتمع، والمطلوب الآن هو مشاركة الجميع والاعتراف بحق الجميع في العيش على تراب هذا الوطن، وأشار إلى ضرورة أن يتلمس المسلمون والمسيحيون الأعذار لبعضهم البعض وأن يبادروا إلى الاعتذار عن سلبيات الماضي.
وأشار إلى أن البابا يوحنا بولس الثاني بابا الفاتيكان الراحل دلل على سماحة المسيحية بزيارته للأزهر واعتذاره عن الحروب الصليبية ودعوته للسلام والمحبة بين البشر حيث تركت تلك الزيارة أثرا طيبا لدى رجال الأزهر والمسلمين.
وانفردت "المصريون" في ديسمبر الماضي بالكشف عن مبادرة الأنبا ماكسيموس للحوار مع التيارات الإسلامية عن طريق تنظيم لقاءات فردية مع قيادات التيارات الإسلامية والمسيحية بدأها بلقاء منفرد مع الشيخ علاء أبو العزائم واستضافه على قناة "الراعي الصالح" ليتحدث عن تصحيح بعض المفاهيم المغلوطة عن الإسلامية .
ومن المقرر أن يتبع هذا اللقاء العديد من اللقاء مع قيادات التيارات الفكرية الإسلامية يتم فيها الاتفاق على مبادئ ومعالجات قبل اجتماع شامل معهم، بهدف ضخ تيار ثقافي جديد في وسائل الإعلام، علاي شكل حركة شعبية "إفراز ثقافي توافقي جديد" نقدمه للدولة.
وكانت الإرهاصة الأولي لهذه المبادرة هي تنظيم "يوم القريب" الجمعة الأخيرة من شهر رمضان حيث يتم تنظيم إفطار عام للإخوة المسلمين لمد جسر محبة بين الديانتين ثم الصلاة للمسلمين والدعوة له بدوام السلام.
وكان الأنبا ماكسيموس أكد في بيان سابق ضرورة تحديث الخطاب الديني المسيحي الحالي مما أثار قلقًا شديدًا داخل الأوساط الكنيسة، خصوصًا بعد تأكيده أن المعهد الذي يرأسه سيتعاقد مع أساتذة من جامعة الأزهر لتدريس الإسلام في قسم مقارنة الأديان بالمعهد – والذي يأتي ضمن مشروعه للتقارب مع الإصلاحيين ، حيث يقوم المعهد بإعداد دراسات علمية متخصصة عن التسامح الديني والحوار المسيحي - الإسلامي على مدى التاريخ، إسهاماً منه في محاولة تحديث الخطاب الديني للديانتين على السواء.
المصريون
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق