الأربعاء، 20 أكتوبر 2010

الشارع يحمي الإسلام !



نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

د. حلمي محمد القاعود


التحالف بين الجناح المعادي للإسلام في السلطة ، وبين التمرد الطائفي في الكنيسة الأرثوذكسية ، يمثل عدوانا غاشما وقاصما للكيان المعروف بجمهورية مصر العربية . ومثلما تحالف شيوعيون مع النصارى في جنوب السودان ، لتمزيق أكبر دولة إفريقية ، فإن الموقف في مصر العربية ، لا يقل خطورة عن جنوب السودان ، إذ إن المتمردين الطائفيين يعرفون جيدا أنهم بسبيل تحرير مصر من الإسلام والمسلمين ، ويبحثون عن العناصر والقوى التي توصلهم إلى هدفهم أو تقربهم منه . وقد استطاعوا أن يستخدموا صبيان اليهودي الخائن هنري كورييل وأشباههم من الأرزقية ؛ في دعم ابتزازهم للسلطة والحملة على الإسلام ، كما استطاعوا أن يغازلوا بعض أجنحة السلطة لتحقيق مكاسب متبادلة ، فأعطتهم هذه الأجنحة فوق ما يحلمون بتحقيقه ، حتى بات في أعماقهم أن كل ما يطلبونه مخالفا للدستور والقانون يحصلون عليه فورا ، وأنهم فوق القانون والدستور ، ووصل بهم الصلف والإجرام أن يتحدى كاهن متمرد محافظ الإقليم ،
ويقول :
يا أنا يا هوه !

ثم إن التمرد الطائفي لا يجد غضاضة الآن في الوقوف على أبواب الكونجرس الأميركي ليحرك النواب ضد السلطة الرخوة في مصر ، ويضغط عليها لتظل الأقلية فوق الأغلبية وتحقق مطالبها بتغيير هوية مصر العربية الإسلامية .. بل أن أذرع التمرد الطائفي لا تجد أنها في حرج وهي تدعو إلى يهودية الكيان الصهيوني الغاصب ، والتحالف معه لتحرير النصارى في مصر من الاحتلال الإسلامي الإرهابي كما تسميه ، وترى أن هناك قواسم مشتركة بين اليهود الغزاة في فلسطين المحتلة ، والنصارى أصحاب مصر الأصليين !
بل تدعو إلى التبرع له بملايين الدولارات من جيوب النصارى لتقويته ودعمه وإبقائه متفوقا على العرب والمسلمين !
ناهيك عن إهانة الإسلام ، ونبيه صلى الله عليه وسلم ، وإله المسلمين جل وعلا ، ولعن العرب الصحراويين البدو والعروبة وكل ما يمت إلى الإسلام والعرب بصلة !

ويتصور التمرد الطائفي ومن يتحالفون معه أو يخدمونه أن الشعب المصري قد مات بالسكتة القلبية ، وأنه لن يواجه جرائمهم لتمزيق بلاده ، لأنه مشغول بأسعار الطماطم والكوسة والباذنجان ، في ظل حكومة تؤثر أن تدلل اللصوص الكبار الذين يسرقون بالقانون ، ويعيشون فوق القانون ، ولكن الشعب المصري البائس خيب ظنهم قبل أسابيع ، فتحرك وتململ ،
وتثاءب بعد نوم طويل ، واخذ يحتج أمام المساجد ، ويواجه قوات أمنية لا طاقة له بها ، و استطاع أن يرد على المجرمين الخونة الذين عدّوه ضيفا ثقيلا طوال أربعة عشر قرنا من الزمان ، كما استطاع أن يقول للمجرمين الخونة الذين شككوا في دينه وعقيدته وقرآنه إنه لن يترك المسألة تمر دون مساءلة !

بعد أن اكتشف الطائفيون المتمردون أن الشعب المصري دخل على الخط ، وبدأ يشارك في الدفاع عن دينه ووجوده ، وشعروا أن الأغلبية من البسطاء قد أخذوا زمام المبادرة ، وليس السلفيون أو من يسمونهم بالمتطرفين وحدهم ، بدأ الصراخ وتمثيل البكاء ، والحديث عن الظلم والمظلومية ، وهطلت دموع التماسيح ، وصدرت فرمانات منع التظاهر في الكنائس ، وإغلاق أفواه الكهنة المتمردين من التصريحات الصحفية والإعلامية ، وعزل الكاهن المتمرد الذي جرح الشعور الإسلامي في قلايته ، ثم تغيرت الحال فجأة !
ورأينا الجناح المعادي للإسلام في السلطة ينبطح أمام التمرد الطائفي ، وبدلا من تنفيذ القانون ، ومعاقبة من أهانوا الإسلام والمسلمين ، واستعادة السلطة الرخوة لهيبتها وكرامتها ، إذا بنا نفاجأ بقرار مذعور جبان يأمر بإغلاق مجموعة من القنوات الإسلامية استجابة للتمرد الطائفي تحت ذريعة زائفة ، وهي إثارة الفتنة الطائفية ، ثم نفاجأ بأشخاص يعملون من وراء ستار لإصدار بيانات تحمّل المسلمين ضمنا المسئولية عن إهانة أنفسهم
(؟!) وإهانة دينهم ونبيهم – صلى الله عليه وسلم ، ثم نفاجأ بأن رجال النظام وكل نظام ؛ يسارعون إلى عقد مؤتمرات عبروا فيها عن ولائهم للطائفة وقادة التمرد ، بدلا من إعلان ولائهم للإسلام وقيمه العظيمة ، ثم نشاهد صبيان اليهودي هنري كورييل وأشباههم من المرتزقة والأبواق المأجورة ؛ يكتبون عن التأسلم والمتأسلمين لإرضاء حلفائهم ومستخدميهم بل سادتهم من المتمردين الطائفيين ، وشارك في الأمر بقايا الاتحاد الاشتراكي الذي كان !

من المعيب جدا في دولة إسلامية ، يتسامح دينها بلا حدود مع خلق الله جميعا ؛ أن يتطوع نفر من المسئولين فيها بإغلاق القنوات الإسلامية التي تقول ربي الله بحجة بث الفتنة ، ولو كان الأمر كما يدعون فإن القضاء هو الذي يحكم على مثير الفتنة ومن يرتكب جريمة ..
أما إغلاق مجموعة من القنوات الإسلامية مرة واحدة ، فهو أمر مشين يثير الغضب ، والألم ، ويدين من فعلوه !

القنوات الإسلامية التي تم إغلاقها في الأسبوع الماضي ، وينتظر أن يتم إغلاق غيرها ممن تشير إلى الإسلام أو تتعاطف معه ، تكشف عن حقيقة التحالف بين أعداء الإسلام في السلطة وبين المتمردين الطائفيين ، وخاصة أن القرار أشار إلى إنذار قناة طائفية واحدة ، يتربع في برامجها المتمردون الطائفيون طوال الليل والنهار ، ولا يخجلون من أنفسهم وهم يطالبون بإلغاء الإسلام في التعليم والإعلام والثقافة ، وحذف المادة الثانية من الدستور ، وتحويل مصر إلى دولة علمانية ،أي بلا دين كي يرضي المتمردون ، وهم يعلنون جهارا نهارا في الوقت نفسه :
أن الإنجيل فوق الدستور والقانون ، وأن تطبيق القانون عليهم يعني الدم والاستشهاد كما صرح أحدهم !

أرأيتم شجاعة الفريق المعادي للإسلام في السلطة وهو ينذر – مجرد إنذار - القناة التي يملكها الملياردير الذي يظن أنه امتلك مصر ومن عليها ، ويهين قامة علمية في حجم الدكتور العوا ، ويحقر من شأنه دون أن يردّ عليه بوق من الأبواق التي صدعت رءوسنا عن التنوير والدولة المدنية والليبرالية واحترام الآخر
؟!
وفي الوقت نفسه يتجاهل أعداء الإسلام الذين أغلقوا القنوات الإسلامية ؛ سبع قنوات طائفية نصرانية تبث على قمر النيل ، وتعمق نزعة الانفصال الطائفي ، والتأسيس لما يسمى شعب الكنيسة ، وبلورة الجيتو الطائفي في كل الاتجاهات ، حتى في الغناء والأناشيد والتمثيليات والأفلام ، فإنها تقدم ما يكرس الطائفية البغيضة وانعزال الطائفة عن المجتمع ، والتميز عليه !

إن الجناح المعادي للإسلام وهو يستجيب لإرادة التمرد الطائفي بإغلاق القنوات الإسلامية يسهم في خيانة الوطن وتدميره أو تمزيقه نظير مكاسب ضئيلة وتافهة ، لن تغني عنه من الله شيئا ، وستضعه في أسوأ صفحات التاريخ ..

كنا نتمنى بدلا من إغلاق القنوات الإسلامية ، والحرب على الإسلام ، مساءلة الصحف الطائفية التي تروج لأفكار المتمردين ، وتنشر تصريحاتهم المهينة للإسلام والمسلمين، كما تحاسب القنوات الطائفية والرسمية وقنوات " ملك اليمين " على حفاوتها بالمتمردين المجرمين ، وإتاحة الفرصة لهم كي ينشروا سمومهم ، دون أن تسمح لعلماء الإسلام أو المتخصصين بالرد عليهم ودحض أكاذيبهم وافتراءاتهم !

ومع ذلك الإغلاق فإن المتمردين لن يرضوا عن حلفائهم في السلطة الذين يعادون الإسلام ، ويسلطون عليه خدامهم من صبيان هنري كورييل والأرزقية ، ونفايات الاتحاد الاشتراكي الذين يصرون على أن المتأسلمين والمتطرفين الإسلاميين هم سبب التمرد الطائفي ، مع أن الكهنة المتمردين هم من أعلن بصريح العبارة على مسمع من الدنيا كلها : أن المسلمين في مصر ضيوف يجب أن يرحلوا ، وأن القرآن ليس من كلام الله وجرى تعديله في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وأنه متناقض حول المسيح عليه السلام !

ثم إن إصدار البيانات التي يوقع عليها قادة التمرد الطائفي وبعض علماء الإسلام ، دون أن تحدد أسباب التمرد الطائفي وجرائمه ، لن يحل المشكلة ولن يؤتي ثمرة ، خاصة أن من يعملون من وراء ستار لإصدار هذه البيانات تدور حولهم شكوك غير طيبة ، تتعلق بعلاقاتهم مع جهات غربية لا تحب الإسلام ولا المسلمين .

أما مؤتمرات رجال النظام وكل نظام ، وتنافسهم على التطوح في حلقات ذكر الوحدة الوطنية ، وإدانة الإسلام أو التطرف الإسلامي ، أو الأصولية (
التسمية الكودية للإسلام في كتاباتهم !) ، فأظن أنها لن تقنع الناس أن التمرد الطائفي قد طوى صفحة الابتزاز والتحرش بالإسلام والمسلمين واستعداء العدو النازي اليهودي والغرب الصليبي الاستعماري ..

إن هؤلاء القوم – رجال النظام وكل نظام – يريدوننا أن نتخلى عن الإسلام لتتحقق الوحدة الوطنية والمواطنة والدولة المدنية والليبرالية والعلمانية ، واعتقد أن الشعب المصري لن يستجيب لهذا المطلب الذي يروجون له ، وخاصة من خلال أبواق الصحف والإعلام ومثقفي الحظيرة ، فالإسلام لا يحتاج إلى شرائح فكرية أو فلسفية تدق في ساقه أو عموده الفقري لتساعده في التعامل مع غير المسلمين .. والإسلام لا يرضى للمسلمين أن يعيشوا بلا دين ، أو يحيون دينا شكليا يعجب أعداءه وخصومه أولا ..!

المسلمون في حاجة إلى استعادة الإسلام في حياتهم كافة ، وفي شئونهم عامة ، وهم مطالبون اليوم قبل أي وقت مضى باستلهام قيمه ومفاهيمه لمواجهة أشرار العالم الذين أطاحوا بالقيم الدينية والإنسانية والخلقية في سبيل تحقيق مآربهم ، ولم يأخذوا من موسى إلا اسمه ، ومن المسيح إلا لقبه ، واستخدموا القوة لقتل الشعوب المسلمة وسرقة أموالها ، ونهب ثرواتها واغتيال خصوصيتها ، وجندوا الخونة وضعاف النفوس لتنفيذ مخططاتهم وجرائمهم !

"
قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت ،وأنا أول المسلمين " ( الأنعام : 162-163 ) .

إن الجناح المعادي للإسلام في السلطة لن يكسب كثيرا من تحالفه مع المتمردين الطائفيين ، ولكنه سيدفع ثمنا باهظا حين ينهض الشارع المصري ؛ ليدافع عن دينه ووحدته وماضيه وحاضره ومستقبله ، وستكون مأساة حقيقية - نسأل الله أن ينجي مصر منها – أن يتحرك الشارع بلا ضابط سعيا لإنقاذ الإسلام . صحيح أنه الآن يتثاءب ويتمطى ويفرك عينيه استعدادا لليقظة الكاملة ، وساعتها سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ، والله غالب على أمره ، ولكن أكثر الناس لا يعقلون .
هامش :
* المتمرد الطائفي الذي لا يكف عن تقديم البلاغات ضد الإسلام والمسلمين ؛ يصرخ الآن ويولول لأن دولا خليجية تفكر في ترحيل العاملين من الطائفة هناك ، ونسى ومن معه ما قالوه ومازالوا عن أهل الخليج ووصفهم بالبدو الأجلاف الغلاظ الصحراويين الذين يصدرون العنف والتشدد إلى مصر .. إن كنت ناسي أفكرك !
* المليارديرالذي يوصف بالليبرالي المتسامح ، وضع طائرته الخاصة تحت أمر رئيس الطائفة لتنقله إلى هولندة بوصفه رئيس دولة ، يتم توديعه كما يودع الرؤساء ، ويستقبل هناك من خلال الكهنة المتمردين مثلما يستقبل الرؤساء!

المصريون
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق