السبت، 8 مايو 2010

إعلان الكنيسة دولة للأقباط


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
عز أثناء لقائه البابا فى الكاتدرائية


جمال أسعد يكتب

النظام الحاكم والحزب الوطني اللذان يرأسهما رئيس الجمهورية يتجاوزان الدستور في مادته الأولي «الخاصة بالمواطنة»، ويتناقضان مع المادة الخامسة والتي تمنع خلط الدين بالسياسة.. ويعلنان أن الكنيسة قد أصبحت دولة الأقباط وهي بمثابة دولة دينية داخل الدولة التي تدعي صباحاً ومساءً أنها دولة مدنية تحارب الدولة الدينية وتناهض الأحزاب الدينية وتحاصر الإخوان المسلمين فإنهم يخلطون الديني بالسياسي ويستغلون الدين لصالح السياسي بل تجرم دولتهم هذه الشعارات الدينية مثل شعار «الإسلام هو الحل».. ولقد نبهنا لهذا التناقض، ولقد حذرنا من تنامي دور الكنيسة والبابا شنودة تحديداً السياسي وإصراره علي أن يكون هو الممثل السياسي وليس الديني فقط للمسيحيين في مصر، وذلك منذ عام 1992 وعند صدور كتابي الذي ناقش هذه القضية تحديداً ونبه لها وكان بعنوان «من يمثل الأقباط الدولة أم البابا»، والمتتبع لهذه القضية ومنذ خروج البابا من الدير في 5 يناير 1985 وهو مبيت النية للإعلان عن هذا الدور بشكل علني دون مواربة، وذلك من خلال تلك الاتفاقية المناقضة لكل القيم السياسية والدينية والدستورية والأهم والتي تمثل الخطر الأعظم علي مصير الوطن، ومحتوي هذه الاتفاقية غير المعلنة وإن كانت ظاهرة وواضحة وضوح الشمس، هو أن تغمض السلطة والنظام أعينهما وتتغافلان عن تلك الممارسات السياسية التي يفرض من خلالها البابا دوره السياسي والذي يصر فيه أنه الممثل السياسي للأقباط بعيداً عن الدولة، وكانت مظاهر هذا الاستغفال المتفق عليه، الخضوع للبابا في كثير من المواقف والتي يظهر من خلالها مدي قوة البابا علي كسر ذراع النظام حتي يصبح بطلاً وزعيماً سياسياً في عيون الأقباط خاصة بعد استغلال البابا لمناخ الإرهاب والذي حشد من خلاله البابا الأقباط للهجرة إلي الكنيسة وجند كل الإمكانات الكنسية والسطوة الروحية للاقتناع بهذه الهجرة واستبدال الانتماء للوطن بالانتماء للكنيسة.
وكانت أمثلة تلك المواقف مثل موقعة الراهب المنحرف والتي كان فيها الانحراف بالصوت والصورة، والتي كانت يجب أن يقدم عنها البابا اعتذارا مثل ما فعل بابا الفاتيكان عن انحراف رجال الدين الكاثوليك، خاصة أن جهة سياسية عليا قد أرسلت التحقيقات والشرائط إلي البابا كنوع من الخدمات التي تقدم إليه من الدولة، ولكنه رفض هذه الخدمة وقال إن الراهب مشلوح ولا يعني البابا ولا الكنيسة هذا الشيء الذي جعل جهات ترسل المستندات لجريدة «النبأ» التي تجاوزت في المانشيتات والتي استغلها البابا وحشد أول مظاهرة داخل الكنيسة أرعبت النظام، الشيء الذي قدم فيه الجميع الاعتذار.
وكانت تلك هي البداية، أما الحادثة الأخري الأهم وهي حادثة وفاء قسطنطين والتي أجبر فيها البابا النظام علي أن يسلمه مواطنة قد أعلنت إسلامها بمحض إرادتها وقيل إنها عادت إلي المسيحية، ومازالت وفاء محتجزة في مكان مجهول لا يعلمه أحد ولم تظهر لإعلان عودتها للمسيحية، والأهم هو تنازل الدولة عن حق ولايتها لمواطنة لجهة لا تملك تلك الولاية دستورياً وقانونياً.
ناهيك عن تلك الطلبات البابوية والتي تنفذ دون مناقشة مثل منع عرض فيلم أو مسلسل أو مصادرة كتاب حتي أصبحت الكنيسة أعلي جهة رقابة في البلد، وكان هذا في مقابل تصور خاطئ ووهمي وهو أن البابا يملك الأقباط في جيبه ولذا يسهل التعامل مع هؤلاء وهو شيء من تشيؤ الأقباط وتحويلهم إلي بشر منزوعي الدسم وفاقدي الإرادة ومسلوبي الحرية، والأهم هو أن يكون البابا مسانداً وداعماً للحزب الوطني والرئيس مبارك في انتخابات الرئاسة وبالطبع أن يكون البابا من مروجي ومؤيدي التوريث للوريث الابن الذي لم ير البابا سواه في مصر ولا أحق منه، حيث إن البابا يري أن مصر ماتت وأجدبت ولم تنجب غير الوريث، هذه هي العلاقة غير الشرعية بين النظام والبابا والتي أسقطت كل القيم السياسية والدستورية والدينية، حيث إن هذه العلاقة هي علاقة خاصة مع البابا ولصالح تلك الزعامة المشتهاة منه، ولا علاقة للأقباط كمواطنين مصريين، فهؤلاء قد تتنازل عنهم الدولة لصالح البابا، فلا الدولة تشعر بهم ولا تسعي لحل مشاكلهم، ولا يملك البابا ولا الكنيسة أن تكون بديلاً لتلك الدولة الغائبة والمغيبة، وضاع الأقباط الذين ساروا وراء عواطفهم الدينية والذين تم السيطرة عليهم من خلال زعزعة تلك العواطف والادعاء بأن البابا يطالب ويتبني قضاياهم ويقوم بحلها، وهذا يعني إسقاط الدستور الذي يتكلم عن دولة واحدة للمصريين فلا يوجد ما يسمي بدولة الكنيسة، وإهدار للمواطنة التي صدعونا بها علي مدار الساعة.
وكانت الكنيسة في المقدمة، وكيف تطالب بهذه المواطنة والتي تعطي للمواطن بصفته الحق في المشاركة السياسية والاختيار السياسي وتضمن له كل الحقوق وتحدد الواجبات دون تمييز علي أي أرضية، فكيف يكون ذلك في الوقت الذي يتم فيه اختصار الأقباط وحوصلتهم في شخص البابا كيف؟ وأين هي المواطنة يا مدعي الحديث عنها؟ فما الصلاحيات الدستورية التي تخول هذا للبابا أو الكنيسة؟ وكيف تتنازل الدولة عن الأقباط، وكيف يتم التعامل من الأساس مع المصريين علي تلك الأرضية «مسلم ومسيحي» والتي تهدر المادة 40 من الدستور، وهل يمكن أن يدعي البابا بعد ذلك أن الكنيسة لا تعمل بالسياسة؟ والأهم هنا هو زيارة أحمد عز للبابا علي خلفية مظاهرة يوم الأربعاء 28/4/2010 والتي هاجم فيها الأقباط الحزب الوطني وأحمد عز عندما استقبله الغول في نجع حمادي، فكيف يجرؤ عز علي هذه الزيارة؟ أو إعلان الشعب المصري بموقف الوطني والنظام من التغيير؟ أهو إعلان عن تكريس الدولة الدينية وإعلان الكنيسة أنها دولة الأقباط وأن البابا زعيم هذه الدولة؟ أهو إعلان عن تداخل الديني بالسياسي لصالح السياسي، أليس تلك الزيارة هي الفريدة والتي أعلنت دون مواربة عن العلاقة بين النظام والبابا؟ وما دور البابا السياسي حتي يتحدث معه عز عن ترشيح الأقباط؟ وهل البابا هو المسئول عن ترشيح الأقباط بالوطني؟ إذاً ما علاقة الوطني بهؤلاء المرشحين، هل بصفتهم الحزبية ككوادر حزبية سياسية شعبية أم هم حسب اختيار دولة الكنيسة لرجالها المخلصين للبابا وليس للكنيسة التي هي جماعة المؤمنين؟ وبأي حق يرشح البابا هؤلاء وبأي حق يطلب النظام من البابا تحديد أسماء لشغل الوظائف العليا أو للتعيين في مجلسي الشعب والشوري «وهذا أعلنه د. مصطفي الفقي»؟ وألا يعتبر هذا تدخلاً للدين في السياسة؟ وأين المادة الخامسة من الدستور؟ وعندئذ لماذا تهاجمون الإخوان بعد ذلك؟ وهل تريدون دولة مدنية وحقوق مواطنة أم تكرسون تلك الدولة الدينية التي تضعون فيها نهايتكم المحتومة، حث إنكم لن تجدوا لكم مكاناً عندما تأتي الدولة الدينية؟ ألا تعلمون أن تلك الزيارة هي الضوء الأخضر للكنيسة بشكل واضح وصريح وعلني علي أن تقوم بدور سياسي وتشارك في الانتخابات بشكل طائفي؟ مع العلم أن المرشح القبطي للأسف ينزل الانتخابات علي أساس أنه قبطي طالباً مساعدة الكنيسة وأصوات الأقباط، مما يجعل الأقباط لا يصلون إلي تلك الكراسي، حيث إنهم يتجاهلون الصوت المصري، حيث إنهم غير سياسيين، بل طائفيون.
وأحداث نجمع حمادي خير دليل، حيث تدخل كيرلس أسقف نجع حمادي في الانتخابات، مما خلق مناخاً طائفياً خاصاً بالمنطقة، بالإضافة للمناخ الطائفي العام فكانت تلك الأصوات الشريرة، والأهم هو زيارة عز للبابا والتي قدم فيها للبابا هدية ترشيح الأقباط في الشوري مقابل منع البابا وسكرتاريته المظاهرة ضد عز في الكنيسة، نقول للاثنين إن التزوير لمرشح الوطني في الشوري معروف ومعلن فلا معركة للشوري، ولكن وعلي ضوء المناخ الطائفي المعاش، فإن التزوير للمرشح المسلم يمكن أن يمر لكن التزوير للمسيحي خاصة إذا كان له منافسون لن يمر حتي لو أعلن عن نجاحه، ولكن يترك آثاراً طائفية سنجني بلاويها غداً، فالحل لصالح مصر الوطن والكنيسة والأقباط والحزب الملقب بالحاكم هو أن تكون السياسة علي أرضية سياسية بعيداً عن الطائفية واستغلال الدين فمن يبدأ ويصر علي ذلك عليه تحمل النتيجة، فالأقباط لم يختاروا من يمثلهم سياسياً، والكنيسة دورها روحي ولا علاقة لها بالسياسة ومملكتي ليست من هذا العالم، فلتكن ممارساتنا متفقة علي تصريحاتنا، واللعبة السياسية لا تتلاءم مع الموقع الديني، وهذا الخلط خطر كل الخطر علي مصر التي هي أهم من النظام ومن البابا ومن الحزب الوطني يا عز يا زعيم الوطني «اللهم بلغت اللهم فاشهد».
الدستور

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق